التمالؤ على ارتكاب الجريمة

أن الفاعل  في الجريمة وفقا لقانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 / 1994م يعد كما نصت المادة {21} منه : ( من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالي الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها ، ويعد فاعلاً بالواسطة من يحمل على ارتكاب الجريمة منفذاً غير مسئول ، هذا ولو تخلفت لدى الفاعل بالواسطة صفة يشترطها القانون في الفاعل ، ويعد فاعلين من يقومون معاً بقصد أو بإهمال مشترك بالأعمال المنفذة للجريمة ) .

بيّنت المادة المذكورة بأن المتمالئ هو ذلك الشخص الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها ، وهنا نجد أنها اكتفت بذلك دون أن تضع تعريفاً عن  ماهية التمالؤ  ، وفي تقديري أن المقنن اليمني التفت عن تعريف التمالؤ عن قصد وذلك لعدم اتفاق فقهاء الشريعة الاسلامية على تعريف للتمالؤ  ، بل واختلافهم فيه ، ولكي يتحاشى ذلك لجأ الى عدم وضع تعريف لمفهوم التمالؤ .

نجد أن أغلب تعريفات الفقهاء والشراح في التمالؤ بأنه : " الاتفاق المسبق بين المباشرين على ارتكاب جريمة " بمعنى أن المباشرين يقصدون جميعاً قبل ارتكاب الفعل الوصول الى تحقيق نتيجة أو غرض معين ، أي أنهم يتعاونون أثناء وقوع الحادث ـ بمسرح الجريمة ـ على احداث ما تفقوا عليه .. وبعبارة أخرى أنهم يتفقون على  تحقيق نتيجة ثم يذهبون لتنفيذها ، كمن يتفق مع آخر على قتل فلان من الناس فيذهبا إليه ـ الى مسرح الجريمة ـ فيقوم الأول بتكتيفه على عمود بينما يقوم الآخر بإطلاق عيار ناري أو طعنه بسكين ، وممن ذهب الى ذلك الإمام مالك وبعض الشافعية وبعض الحنابلة ، وزاد الإمام مالك في اعتبار المتمالئ : " كل من حضر الحادث وإن لم يباشر الفعل إلاّ أن أحدهم أو بعضهم باشروه مادام الحاضر على اتفاق مسبق معهم على ارتكاب الفعل ـ التواجد في مسرح الجريمة وفقاً للإتفاق المسبق على ارتكاب الفعل ـ أي استعداده لتنفيذ ما تفقوا عليه من ارتكاب فعل القتل " ..

بينما يذهب الإمام أبو حنيفة وبعض الشافعية وبعض الحنابلة على أن التمالؤ  هو : " توافق إرادات الجناة على الفعل دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ، بحيث يجتمعون على ارتكاب الفعل على فور واحد دون سابقة من تدبير أو اتفاق " .

و التوافق على هذا النحو غير الاتفاق وهو أن تتجه إرادة المباشرين في الجريمة الى ارتكابها دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ، كمن يتشاجر مع آخر فيظهر شخص ثالث وفجأة ينحاز الى طرف ويباشر الفعل معه بحسب ما تمليه عليه رغبته الطارئة .

فقهاء وشراح القانون يضعون تفريقاً بين الاتفاق على ارتكاب الجريمة وبين توافق إرادات المباشرين في ارتكابها ، ويقررون بأن في التوافق لا يُسأل الا عن فعله فقط ولا يتحمل نتيجة فعل غيره .

وفي تقديري بأن المقنن اليمني أصاب في عدم وضع تعريف للتمالؤ لكي لا يحصر ماهية التمالؤ أهو الاتفاق المسبق على ارتكاب الفعل أم هو توافق ارادات الجناة على الفعل دون أن يكون بينهم اتفاق مسبق ، واكتفى في نص المادة ( 21 ) من قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 / 1994م بأن المتمالئ هو  " الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها " سواء كان منفذاً للفعل بالمباشرة أو متعاون في مسرح الجريمة بناء على اتفاق مسبق أو توافقت إرادته مع الآخرين على الفعل ، معتبراً التعريفين يشكلا مفهوم التمالؤ . وهنا نجد أن المقنن اليمني سلك الى تعريف الإمام مالك في المتمالئ  لكن دون أن يفصح عن ذلك صراحةً لما ذكرناه آنفاً


شاكر محفوظ بنش
                                                                                                                                                                      المكلا ــ حضرموت

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدعوى الجنائية ( الجزائية ) في القانون اليمني

التقرير بالاستئناف في الدعوى الجزائية