الدعوى الجنائية في القانون اليمني
إن فكرة الدعوى
الجنائية تقوم على أساس وقوع الجريمة التي تنشأ للدولة حق عقاب مرتكبها ، وهذا الحق
لا يمكن الوصول إليه إلاّ عن طريق وسيلة تسلكها الدولة لمن تفوضه في ملاحقة مرتكب الجريمة
وتقديمه الى القضاء لتوقيع العقاب ، وهذه الوسيلة هي " الدعوى الجنائية
" .
قانون الاجراءات
الجزائية اليمني رقم 13/1994م كغيره من القوانين في البلاد العربية لم يضع تعريفاً
للدعوى الجنائية ، على إعتبار أن ذلك مناط بفقهاء القانون وشراحه الذين يستخلصوا من
نصوص القانون التعريفات والمفاهيم والمقاصد .
يكاد يتفق
أغلب فقهاء القانون في تعريف الدعوى الجنائية على أنها : " مطالبة الدولة في اقتضاء
حقها في عقاب مرتكب الجريمة عن طريق القضاء " ، وتتميز الدعوى الجنائية بميزتين
هما : العمومية وأنها غير معلقة على شرط أو قيد .
فهي عامة
لأنها وسيلة الدولة والتي غايتها تهدف الى الصالح العام وإشباع حاجة الجماعة في الدولة
في الحصول على حكم يحقق العدالة ضد مرتكب الجريمة ، وهي على ذلك تختلف عن الدعوى المدنية
التي تهدف في حماية حق خاص لرافعها أو الإقرار به ، وقد عهدت الدولة الى هيئة وهي النيابة
العامة تمثلها في المطالبة بهذا الحق ، وقد أشارت المادة ( 21 ) إ ج يمني :(( النيابة
العامة صاحبة الولاية في تحريك الدعوى الجزائية ورفعها ومباشرتها أمام المحاكم ..
)) ، وأشارت المادة ( 309 ) : (( مع مراعاة المواد 21 ، 23 ، 27 ، 36 ، 37 يكون رفع
الدعوى الجزائية الى المحكمة المختصة من النيابة العامة .. )) إلخ ، وعلى هذا لا يجوز لأي هيئة أو سلطة بما في ذلك
المحكمة أن تفتئت على سلطة النيابة العامة الممثلة للدولة في تحريك ورفع الدعوى الجنائية
ومباشرتها كما جاء في المادة ( 32 ) إ ج يمني ، فالنيابة العامة هي لوحدها المستأثرة
بحق استعمال الدعوى الجنائية ومباشرتها ، وهذا مايسمى بمبدأ احتكار النيابة العامة
لوظيفة الاتهام .
وهي دعوى
غير معلقة على شرط أو قيد ومعنى ذلك أن مباشرة الاتهام يخضع لسلطان النيابة العامة
دون أن تشاركها إرادة أخرى الرأي وهو ما يعرف
بـ " مبدأ حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية " ، بيد أن هناك شروط
وقيود على حريتها في رفع الدعوى الجنائية مباشرة ـ قيد الشكوى والإذن والطلب ـ ولكنها
ليست قيود على مبدأ احتكار النيابة العامة لسلطة الاتهام ومباشرة الدعوى ، ولذلك فإن
بمجرد حصول الشكوى أو الإذن أو الطلب تسترد النيابة العامة حريتها وتقوم هي بنفسها
برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها أمام القضاء ، وبالتالي فإن تلك ليست قيوداً على حق
النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية مباشرتها ذاته بقدر ما هي قيود على حرية النيابة
العامة في استعمال ذلك الحق .
لقد منح قانون
الاجراءات الجزائية اليمني رقم 13/1994م لأشخاص آخرين حق تحريك الدعوى الجزائية ورفعها
استثناءً من مبدأ احتكار النيابة العامة لوظيفة الاتهام ، فقد نصت المادة (21 ) منه
:(( النيابة العامة صاحبة الولاية في تحريك الدعوى الجزائية ورفعها ومباشرتها أمام
المحاكم ، ولا ترفع من غيرها الاّ في الأحوال المبينة في القانون )) ، والمتتبع لنصوص
قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني رقم 40/2002م يجد أن للمحكمة رفع الدعوى الجنائية
استثناء من مبدأ احتكار النيابة العامة لوظيفة الاتهام وذلك في حالة واحدة من حالات
جرائم الجلسات وهي حالة فيما إذا وقع تعدٍ على هيئة المحكمة أو أحد أعضائها أو أحد
العاملين بها أثناء انعقاد الجلسة في محاكمة المعتدي حالاً بنوع اعتدائه الإجرامي المقرر
في قانون الجرائم والعقوبات دون الحاجة لإحالتها الى النيابة العامة على النحو المبين
في نص المادة (176 ) مرافعات يمني ، أما ما عدا ذلك من جرائم تقع في الجلسات أو في
مبنى المحكمة ما يسع المحكمة الا أن تحيلها الى النيابة العامة صاحبة الحق الأصيل في
رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها أمام القضاء كما هو مبين في المادة ( 32 ) إ ج ، والمادة
(177 ) مرافعات مدني .
ويقصد بتحريك الدعوى الجنائية البدء بأول عمل من
إجراءت التحقيق ، بينما يقصد برفع الدعوى أي طرحها على القضاء للفصل فيها ، أما مباشرتها
يعني المرافعة بعد رفعها وإبداء الطلبات والدفوع وتقديم الطعون وغير ذلك حتى صدور حكم
نهائي فيها .
تعليقات
إرسال تعليق